خفايا النظرة الشرعية: بين الشعر والضوابط الفقهية

مقدمة:
يُمثل الزواج ركيزة أساسية في بناء المجتمع، ولذلك حرص الإسلام على تنظيم خطواته وآدابه، فمن تلك الأحكام ما يتعلق بالنظر الشرعي الذي يسمح للخاطب برؤية المخطوبة. ويثير موضوع كشف الشعر في هذه النظرة نقاشًا فقهيًا، فما هي حدود النظر الشرعي؟ وما رأي العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - في هذا الموضوع؟
حدود النظر الشرعي:
أجمع الفقهاء على أن المرأة عورة يجب سترها عن غير المحارم، إلا في حالات استثنائية حددها الشرع، ومن تلك الحالات النظر الشرعي للخاطب.
وحدد الفقهاء حدودًا لهذا النظر، منها:

• الوجه والكفان والقدمان: هي الأعضاء التي تُظهرها المرأة عادةً، ولا حرج في أن ينظر إليها الخاطب.
  
• الشعر: اختلف الفقهاء في جواز النظر إلى شعر المخطوبة، فذهب جمهورهم إلى عدم جواز ذلك، بينما أجازه البعض بشرط أن يكون ذلك بقدر الحاجة، ودون تكرار أو تمعن.
  

رأي الشيخ ابن عثيمين:
يرى الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - أنّ النظر إلى شعر المخطوبة جائزٌ، وذلك للأسباب التالية:

• أنّ الشعر قد يظهر للمرأة في بعض الحالات، مثل بيتها أو عند الخروج مع محارمها.
  
• أنّ النظر إلى الشعر قد يساعد الخاطب في تكوين صورة كاملة عن المخطوبة.
  
• أنّ بعض النساء قد يحرصن على إظهار شعرهن، ممّا يعني أنّ عدم رؤيته قد يُعدّ نوعًا من الجفاء.
  

مع ذلك، يشدّد الشيخ ابن عثيمين على ضرورة الالتزام بالضوابط الشرعية التي ذكرت سابقًا، وأن يكون الهدف من النظر هو التَّأكد من الملاءمة للزواج، لا التَّلذذ أو إثارة الشهوة.
ضوابط شرعية لكشف الشعر:

• النية الصالحة: أن تكون نية الخاطب من النظر هي التَّأكد من ملاءمة المخطوبة له، لا التَّلذذ بالنظر أو إثارة الشهوة.
  
• الحضور الشرعي: لا يجوز للخاطب النظر إلى المخطوبة إلا بحضور أحد محارمها، مثل الأب أو الأخ أو العم.
  
• القدر اللازم: يكفي للخاطب أن ينظر إلى وجه المخطوبة وكفيها وقدميها، دون الحاجة إلى كشف شعرها.
  
• عدم التَّكرار: لا يجوز للخاطب تكرار النظر إلى المخطوبة دون مبرر شرعي.
  
• الابتعاد عن الفتنة: يجب على الخاطب أن يحذر من الوقوع في الفتنة، وأن يلتزم بضوابط الحياء والعفة خلال النظر.
  

خاتمة:
إنّ كشف الشعر في النظرة الشرعية مباح شرعيًا وفقًا لرأي الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - وغيره من العلماء، مع مراعاة الضوابط الشرعية والابتعاد عن الفتنة. ويجب على الخاطب أن يتحلى بالعفة والحياء، وأن يجعل نصب عينيه إتمام الزواج على أسس صحيحة، بعيدًا عن أيّ شوائب أو شبهات.
ملاحظة:
من المهم التأكيد على أنّ هذا الموضوع هو اجتهاد فقهي، ويجوز أن تختلف فيه الآراء الفقهية. لذلك، يُنصح باستشارة أهل العلم الموثوقين في مثل هذه الأمور.